خبراء و آراء

العدوان على غزة يضرب موسم السياحة ويهدد بتعميق الأزمات الاقتصادية بالمنطقة

تسببت الحرب في غزة التي تقترب من إكمال شهرين على اندلاعها بضرب الموسم السياحي في المنطقة بأكملها مع اقتراب العام من نهايته، حيث تراجعت حركة السفر إلى إسرائيل ودول الشرق الأوسط بصورة حادة، وهو ما يُنذر بتفاقم الأزمات الاقتصادية التي تعيشها بعض دول المنطقة لا سيما لبنان ومصر والأردن، وهي دول تشكل السياحة مصدراً مهماً للدخل بالنسبة لهم.

وقال تقرير نشرته جريدة “نيويورك تايمز” الأميركية، إن الحرب المستمرة منذ أوائل أكتوبر الماضي أدت إلى إيقاف السياحة الدولية إلى إسرائيل وتسببت بضعف السفر بشدة إلى الدول المجاورة، مما أدى إلى انتشار تأثيرها في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط.

وبحسب التقرير فإن “التباطؤ في عدد الزوار الدوليين ليس سوى أحد التداعيات الاقتصادية لهذه الحرب على المنطقة، إلا أنه يشكل تهديداً كبيراً لاقتصادات مصر والأردن ودول أخرى تعتمد بشكل كبير على السياحة، وقد أدت هذه الحرب إلى تراجع الموسم السياحي الذي كان يشهد تعافياً من الركود خلال العام الحالي 2023”.

وتقول الصحيفة إن الحرب أثرت على جميع قطاعات صناعة السفر، حيث قلصت شركات السفر الدولية رحلاتها أو أجلتها، وأعادت خطوط الرحلات البحرية نشر السفن، وخفضت شركات الطيران الخدمة بشكل كبير، فيما يشعر العديد من المسافرين، الذين يستجيبون لتحذيرات الحكومة ومخاوفهم، بالقلق المتزايد بشأن زيارة المنطقة، مما يؤدي إلى موجات من إلغاء الرحلات.

ويخشى منظمو الرحلات السياحية المحليون في دول المنطقة مما يمكن أن تفعله الحرب الطويلة بهذا القطاع الواعد والمتنامي.

وقال خالد إبراهيم، المستشار في شركة “أميسول ترافيل” في مصر: “كنا نتوقع أن يتطور الشرق الأوسط ليصبح (أوروبا الجديدة) مع انتعاش وتطور النظام السياحي في المملكة العربية السعودية”، وأضاف: “نأمل جميعا ألا تتصاعد هذه الحرب وتحطم الآمال التي كان الناس – العرب والإسرائيليون والإيرانيون على حد سواء– يتمسكون بها”. وقال إن “أميسول ترافيل” في مصر لم تتلق سوى 40 إلى 50% من حجوزاتها النموذجية للأشهر بين فبراير وسبتمبر 2024.

ويعتقد حسين عبد الله، المدير العام لشركة لبنان للسياحة والسفر في بيروت أن “لبنان كله آمن بنسبة 100%”، لكنه قال إنه رغم ذلك لم يقم بحجز واحد منذ بدء الحرب، مما أنهى “عاماً جيداً للغاية” قبل الأوان. وأضاف أن المواقع السياحية مثل مغارة جعيتا ومعابد بعلبك المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، والتي تستقبل عادة آلاف الزوار يومياً، أصبحت فارغة الآن.

وقال أوليفييه بونتي، نائب رئيس شركة (ForwardKeys) وهي شركة لتحليل البيانات تتعقب حجوزات السفر الجوي العالمية: “إن الطلب في معظم دول الشرق الأوسط يتدهور”، مشيراً الى أنه في الأسابيع الثلاثة التي تلت 7 أكتوبر، انخفضت حجوزات الطيران إلى الشرق الأوسط بنسبة 26% مقارنة بالحجوزات التي تمت لنفس الفترة من عام 2019. وانخفضت تذاكر الطيران إلى إسرائيل بأكثر من 100%، حيث تجاوزت عمليات الإلغاء عدد التذاكر الجديدة الصادرة.

وقال بونتي إن حرب غزة “أضعفت ثقة المستهلك في السفر إلى أماكن أخرى أيضاً”، مشيراً الى أن حجوزات الطيران إلى جميع مناطق العالم تراجعت، حيث انخفضت بنسبة 5% في الأسابيع التي تلت الحرب مباشرة، مقارنة بالأسابيع المقابلة من عام 2019.

وتقول “نيويورك تايمز” إن الحرب في غزة جاءت في وقت كانت فيه السياحة في الشرق الأوسط تشهد ارتفاعاً قوياً في أعقاب الإغلاقات التي تسبب بها وباء كورونا، وفي الفترة من يناير إلى يوليو من هذا العام 2023، كان عدد الزوار الوافدين إلى الشرق الأوسط أعلى بنسبة 20% من نفس الفترة من عام 2019، مما يجعلها المنطقة الوحيدة في العالم التي تجاوزت مستويات ما قبل الوباء، وفقًا لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.

وقبل أسبوع واحد فقط من الحرب، قال أحمد عيسى، كبير مسؤولي السياحة في مصر، لوكالة “أسوشييتد برس” إن هناك “طلباً غير مسبوق على السفر إلى مصر”، حيث زارها حوالي 10 ملايين شخص في النصف الأول من هذا العام. وكانت الحكومة، التي تأمل في تسجيل رقم قياسي يبلغ 15 مليون زائر في عام 2023، تسعى إلى زيادة عدد غرف الفنادق ومقاعد الطائرات المتاحة، في إطار الجهود الرامية إلى تشجيع زيادة الاستثمار الخاص في السياحة.

وحالياً لا تشجع الحكومتان الأميركية والكندية السفر إلى إسرائيل ومصر ولبنان، كما أوصت وزارة الخارجية الأميركية المواطنين الأميركيين بمغادرة لبنان على الفور على الرغم من أن الرحلات الجوية لا زالت متاحة، وبالنسبة للأردن تنصح كل من الولايات المتحدة وكندا الزوار بتوخي المزيد من الحذر.

يشار الى أن لبنان ومصر والأردن، وهي من الدول الأقرب جغرافياً إلى الصراع، تعتمد بشكل كبير على السياحة، حيث يساهم القطاع السياحي بما يتراوح بين 12 و26% من إجمالي الإيرادات من الخارج لهذه الدول الثلاث، وفقا لتقرير حديث صادر عن مؤسسة “أس آند بي” للتصنيف الائتماني.

ووفقاً للتقرير الذي نُشر في 6 نوفمبر فإن “هذه البلدان، المجاورة مباشرة لإسرائيل وغزة، أكثر عرضة لتباطؤ السياحة، نظراً للمخاوف بشأن المخاطر الأمنية والاضطرابات الاجتماعية وسط نقاط ضعف خارجية كبيرة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى