في إطار التطور السريع في قطاع السياحة العالمية، تسعى مصر جاهدة لدمج أحدث التقنيات في متاحفها ومواقعها الأثرية للحفاظ على مكانتها كوجهة سياحية رائدة. يأتي المتحف المصري بالتحرير على رأس هذه الجهود، حيث يشهد مشروع تطوير ضخم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي، مما يتيح للزوار فرصة استكشاف التاريخ المصري بطريقة مبتكرة. ويعد المتحف، الذي مضى على تأسيسه 122 عامًا، واحدًا من أهم المعالم الثقافية التي تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم، ويشهد تطورًا نوعيًا في طريقة عرض كنوزه التاريخية.
ومن خلال شراكات استراتيجية مع شركات تقنية رائدة، تأمل وزارة السياحة والآثار في تقديم تجربة استثنائية تتيح للزوار التفاعل مع المعروضات بطرق جديدة، مثل التفاعل الافتراضي مع القطع الأثرية القديمة ومشاهدة تفاصيلها الأصلية. هذه المبادرات التقنية تأتي في سياق رؤية الحكومة لتحسين البنية التحتية للسياحة في مصر وتعزيز قدرتها التنافسية عالميًا، حيث يعكس المشروع التزامًا بتقديم التراث المصري بصورة عصرية تلبي توقعات الجيل الحديث من السياح.
الذكاء الاصطناعي: نقلة نوعية في تجربة المتحف المصري بالتحرير
أكد وزير السياحة والآثار شريف فتحي، في احتفالية المتحف المصري بالتحرير، أن استخدام الذكاء الاصطناعي في المتحف يعد إنجازًا كبيرًا يعزز من مكانة هذا الصرح التاريخي الذي تأسس منذ 122 عامًا. أوضح فتحي أن المشروع يأتي في إطار جهود الوزارة لدمج التكنولوجيا الحديثة في عرض التراث المصري العريق. كما أشار إلى أن الوزارة تسعى لجعل المتحف مكانًا تفاعليًا يستطيع الزوار من خلاله التفاعل مع المعروضات وفهم القصص التاريخية المرتبطة بها عبر تقنيات مبتكرة، مما يجعل تجربة الزيارة أكثر جاذبية وإثراء.
وأشار الوزير إلى أن هذا المشروع يأتي ضمن سلسلة من الجهود المبذولة لتحقيق التنوع السياحي في مصر. فالذكاء الاصطناعي، بما يقدمه من إمكانات متقدمة في توثيق وعرض التراث، يمكن أن يسهم في تعزيز السياحة الثقافية وزيادة إقبال السائحين من مختلف أنحاء العالم.
شراكات استراتيجية: التعاون مع شركة ميتا العالمية
في إطار هذا المشروع، تعاونت وزارة السياحة والآثار مع شركة “ميتا” العالمية، حيث أسهمت الشركة في تطوير جوانب عديدة باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز. وقد أعرب فارس عقاد، المدير الإقليمي لشركة ميتا، عن سعادته بالمشاركة في هذا المشروع الذي يعكس أهمية الترويج للتراث المصري باستخدام التكنولوجيا الحديثة. وأوضح عقاد أن هذه الشراكة تهدف إلى إتاحة الفرصة للزوار لرؤية القطع الأثرية بحالتها الأصلية عبر تطبيقات الهواتف الذكية، مما يمنحهم فرصة فريدة للتفاعل مع الحضارة المصرية القديمة بطرق غير تقليدية.
وأشار عقاد إلى أن هذه التقنيات ليست مجرد وسيلة للعرض، بل تمثل تجربة فريدة تتيح للزوار فهم التفاصيل المعقدة للقطع الأثرية، وتعزز من قيمة التراث الثقافي المصري. ومن خلال هذا التعاون، تأمل الشركة أن تسهم في الترويج لمصر كوجهة سياحية رائدة تتبنى الابتكارات التقنية.
إطلاق مشروع “انستجرام فيلترز” بالمتحف المصري
بمناسبة الذكرى الـ122 لتأسيس المتحف المصري، أطلقت وزارة السياحة والآثار مشروع “انستجرام فيلترز”، والذي يهدف إلى تقديم تجربة جديدة للمستخدمين عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن للزوار الآن استخدام فلاتر خاصة تتيح لهم التقاط الصور مع قطع أثرية افتراضية. هذا المشروع يسهم في جعل الزيارة إلى المتحف تجربة تفاعلية ممتعة، ويتيح للزوار مشاركة لحظاتهم على منصات التواصل الاجتماعي بشكل يعزز من شهرة المتحف عالميًا ويشجع على زيارته.
كما أن هذه المبادرة تأتي كجزء من استراتيجية الوزارة للاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي للترويج للسياحة الثقافية، حيث تعتبر مصر من الدول التي تمتلك إرثًا حضاريًا ضخمًا يسعى الكثيرون لاكتشافه. يتيح هذا المشروع لمستخدمي انستجرام في جميع أنحاء العالم إمكانية الاطلاع على القطع الأثرية بطريقة مبتكرة وشيقة.
تطوير المشهد السياحي عبر التكنولوجيا المتقدمة
أوضح علي غنيم، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصري للغرف السياحية، أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي في عرض القطع الأثرية يأتي كجزء من سعي القطاع السياحي في مصر لمواكبة التطورات العالمية، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تسهم في تحسين التجربة السياحية بشكل ملحوظ. يمكن للزوار الآن استكشاف تاريخ مصر القديم من خلال تقنيات مبتكرة تجعل الزيارة إلى المتحف تجربة تعليمية وتفاعلية.
ولفت غنيم إلى أن تطبيق التكنولوجيا في المتاحف يعزز من تنافسية المنتج السياحي المصري على الساحة العالمية، حيث يمكن للمتحف المصري أن يقدم لزواره تجربة مميزة لا تتوفر في متاحف أخرى. وأكد أن هذه الخطوة تأتي ضمن رؤية مصر لتحسين البنية التحتية السياحية وتحقيق نقلة نوعية في تقديم التراث الثقافي.
دور الذكاء الاصطناعي في توثيق وعرض التراث المصري
يتيح الذكاء الاصطناعي إمكانيات هائلة في توثيق وعرض التراث المصري، حيث يمكن للزوار الآن الاطلاع على القطع الأثرية وكأنها في حالتها الأصلية. يساعد الذكاء الاصطناعي على تقديم بيانات دقيقة حول القطع الأثرية، ما يتيح للزوار التفاعل معها وفهم تفاصيلها بشكل أعمق. يُعد استخدام الذكاء الاصطناعي أداة قوية لتحليل المعلومات التاريخية وربطها بالمحتوى المعروض، مما يسهم في إحياء التاريخ وإعادة تقديمه بأسلوب يناسب الأجيال الحديثة.
كما أن هذه التكنولوجيا تساعد في الحفاظ على القطع الأثرية عبر توفير نسخ رقمية منها، مما يسهم في تقليل الحاجة إلى التعامل المباشر مع الآثار القديمة، وبالتالي تقليل فرص التلف. بهذه الطريقة، يساهم الذكاء الاصطناعي في حماية التراث الثقافي وضمان استمرارية عرضه للأجيال القادمة.
الواقع الافتراضي يعيد تشكيل التجربة السياحية في المتاحف المصرية
توفر تقنيات الواقع الافتراضي فرصة للزوار لرؤية القطع الأثرية بحالتها الأصلية، حيث يمكنهم الاستمتاع بجولة افتراضية تتيح لهم التنقل بين قاعات المتحف دون قيود. يمكن للزوار استخدام تطبيقات الهواتف الذكية لرؤية قطع أثرية، مثل تمثال توت عنخ آمون والملكة حتشبسوت، وكأنهم يشاهدونها في حالتها الأصلية. يعزز هذا الأسلوب من التجربة السياحية ويجعل الزائر يشعر وكأنه يعيش تجربة حقيقية عبر العصور.
مشروع “Instagram Project Revival” لإحياء التراث
كجزء من مشروع “Instagram Project Revival” الذي أُعلن عنه في المتحف المصري، يمكن للزوار مسح باركود أسفل كل تمثال لرؤية تماثيل مثل تمثال الملك سنوسرت الأول وتمثال الثالوث الشهير بصورة متكاملة. هذا المشروع لا يتيح فقط للزوار فرصة للتعرف على القطع الأثرية، بل يسهم أيضًا في ترجمة النصوص الهيروغليفية وإتاحتها باللغتين العربية والإنجليزية، مما يساعد على توسيع قاعدة المعرفة حول الحضارة المصرية القديمة.
أثر المشروع على الترويج للسياحة الثقافية في مصر
يسهم استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي في عرض التراث الثقافي المصري في جعل مصر واحدة من الوجهات السياحية الرائدة على مستوى العالم. من خلال توفير تجارب تفاعلية وثرية، يمكن للمتحف المصري جذب فئات جديدة من الزوار، بمن فيهم الشباب الذين يتمتعون بالاهتمام بالتكنولوجيا والابتكارات. يعزز هذا التوجه من قدرة مصر على التنافس مع دول أخرى تتبنى نفس النهج في تطوير قطاع السياحة.
ويعتبر استخدام التكنولوجيا في المتاحف خطوة استراتيجية تهدف إلى جذب السياح عبر تقديم تجربة استثنائية، وتعزيز السياحة الثقافية التي تعد جزءًا هامًا من اقتصاد مصر. إن تبني هذه التقنيات يجعل مصر أكثر قدرة على المنافسة في السوق السياحية الدولية، خاصةً مع تطور توجه السياحة العالمية نحو البحث عن التجارب الثقافية والتفاعلية.
التعليم والتوعية عبر التكنولوجيا في المتحف المصري
لا يقتصر تأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي على السياحة فقط، بل يمتد إلى التعليم والتوعية الثقافية. حيث يمكن للطلاب والمهتمين بالتاريخ الاستفادة من هذه التقنيات لفهم المزيد عن الحضارة المصرية القديمة بطرق حديثة ومتقدمة. تقدم هذه التقنيات محتوى تعليميًا تفاعليًا يجعل التعلم أكثر متعة وفعالية، ويحفز اهتمام الزوار بتعلم المزيد عن التاريخ المصري.
ختامًا: إن استخدام الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي في المتحف المصري يعكس التزام الحكومة المصرية بتطوير القطاع السياحي، وتعزيز مكانة مصر كوجهة سياحية رائدة. من خلال تقديم تجارب مبتكرة وتعليمية، يمكن لمصر أن تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم، وتستفيد من التكنولوجيا في الحفاظ على تراثها الثقافي ونقله للأجيال القادمة.
هذا المشروع يمثل نقطة تحول في طريقة تقديم التراث التاريخي، ويؤكد على أن مصر قادرة على الجمع بين العراقة والحداثة، مما يجعلها وجهة لا تُضاهى لعشاق الثقافة والتاريخ