أخبار متنوعةخبراء و آراء

السياحة هي الجسر الرئيسي لبناء التفاهم بين الدول

الدكتور سعيد البطوطى

      أستاذ اقتصاد السياحة بجامعة فرانكفورت والمستشار الاقتصادي لمنظمة السياحة العالمي

كل عام والزملاء والأصدقاء وجميع العاملين في القطاعات والمؤسسات والهيئات السياحية المختلفة والمجتمعات المصدرة والمستقبلة للسياحة حول العالم بخير وسلام.

منذ عام 1980 يحتقل العالم بانتظام بيوم السياحة العالمي في 27 سبتمبر من كل عام بناءً على قرار الجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية في دورتها الثالثة التي عقدت في Torremolinos بالقرب من Málaga جنوب إسبانيا في سبتمبر 1979.

وقد تم الاتفاق على هذا التاريخ لسببين:

• الأول: أنه يتزامن مع الذكرى السنوية لاعتماد النظام الأساسي للمنظمة في 27 سبتمبر 1979.

• الثاني: أن هذا التاريخ مناسب جداً حيث يمثل نهاية موسم الذروة السياحي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية وبداية الموسم السياحي في النصف الجنوبي منها، حين تكون السياحة في بال ملايين الناس في العالم أجمع.

الغرض الأساسي من الاحتفال بيوم السياحة العالمي

هو زيادة الوعي في المجتمع الدولي بأهمية السياحة وتأثيراتها الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية في المجتمعات والشعوب.

أيضا ترمي وقائعه إلى التطرق للتحديات الدولية المحددة في أهداف الأمم المتحدة الإنمائية للألفية وإبراز ما يمكن لقطاع السياحة أن يقدمه من إسهام في تحقيق هذه الأهداف.

يوم السياحة العالمي World Tourism Day هذا العام سيتم الاحتفال الرسمي به في الرياض بالمملكة العربية السعودية تحت شعار الاستثمار في البشر والكوكب والازدهار Investing in People, Planet and Prosperity

لقد حددت منظمة السياحة العالمية الاستثمارات باعتبارها واحدة من الأولويات الرئيسية لتعافي السياحة والنمو والتنمية في المستقبل.

وفي يوم السياحة العالمي 2023 سوف تسلط المنظمة الضوء على الحاجة إلى المزيد من الاستثمارات الموجهة بشكل أفضل للناس وكوكب الأرض والازدهار، وأنه قد حان الوقت لإيجاد حلول جديدة ومبتكرة، وليس فقط الاستثمارات التقليدية التي تعزز وتدعم النمو الاقتصادي والإنتاجية.

من أجل ذلك، سيكون يوم السياحة العالمي هذا العام بمثابة دعوة إلى العمل للمجتمع الدولي والحكومات والمؤسسات المالية المتعددة الأطراف وشركاء التنمية ومستثمري القطاع الخاص من أجل التوحد حول استراتيجية استثمار سياحي جديدة أكثر توجها إلى مصلحة الناس والكوكب ولتمكين السياحة من تحقيق إمكاناتها الهائلة لتوفير الفرص للناس ولبناء المرونة وتسريع العمل المناخي وتحقيق استدامة أكبر لكوكب الأرض وتحقيق ازدهار شامل حول ركائز الابتكار وريادة الأعمال.

بمعنى أنه خلال الاحتفال بيوم السياحة العالمي هذا العام سيتم تسليط الضوء على الحاجة الحيوية لتقديم استثمارات للمشاريع التي تعمل لصالح الناس People (من خلال الاستثمار في التعليم والمهارات) ، والكوكب Planet (من خلال الاستثمار في البنية التحتية المستدامة وتسريع التحول الأخضر) والازدهار Prosperity (من خلال الاستثمار في الابتكار والتكنولوجيا وريادة الأعمال)

-1 الاستثمار في الناس Investing in People

إعطاء الأولوية للتعليم والارتقاء بالمهارات.

فيجب أن نعي جيدا أنه لا يمكننا بناء سياحة أكثر استدامة بدون المواهب المناسبة.

التعليم حق أساسي من حقوق الإنسان، ويمثل حجر الأساس للمجتمعات والاقتصادات وإمكانات كل شخص – ولكن بدون استثمار كافٍ، فإن هذه الإمكانات الهائلة للناس ستذبل على عيدانها.

السياحة تعتبر من الأنشطة الاقتصادية الرائدة في العالم. في عام 2019، وظف القطاع شخص واحد من بين كل 10 أشخاص في جميع أنحاء العالم، وأثبت أنه أداة للتنويع الاقتصادي ومحرك رئيسي للتوظيف له تأثير مضاعف على القطاعات الأخرى التي تساهم في التنمية الريفية. علاوة على ذلك، يمكن للسياحة في المناطق الريفية أن تفيد بشكل خاص الفئات المحرومة تقليديا مثل النساء – اللواتي يشكلن نسبة 54% من القوة العاملة في قطاع السياحة مقارنة بـ 39% للأنشطة الاقتصادية مجتمعة – الشباب والسكان الأصليين. السياحة هي أيضًا قطاع يسهل الوصول إليه للمؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر ولأصحاب المهن الحرة الذين يشكلون جزءا كبيرا من قطاع السياحة وريادة الأعمال على مستوى المجتمع بشكل عام.

ومع ذلك، في الوجهات الناشئة 50% من الشباب غير قادرين على العمل في السياحة بسبب نقص الفرص أو الموارد أو الوصول إلى التدريب الأكاديمي. علاوة على ذلك، فإن فرص التعليم والتدريب الحالية غير متوازنة، مع التركيز الشديد على إدارة الفنادق. بالنظر إلى المستقبل، ستتطلب القوى العاملة في مجال السياحة العالمية ملايين من خريجي الضيافة سنويا من الآن وحتى عام 2030 ، كما ستتطلب 800 ألف وظيفة أخرى سنويا تدريبا مهنيا محددا.

لهذه الأسباب، نحتاج إلى الاستثمار في الناس لأن العنصر البشري هو العمود الفقري للسياحة، ومن أجل ذلك تكرس المنظمة جهودها لتمكينهم ووضع الاستثمارات في صميم أعمالنا المستقبلية.

-2 الاستثمار في كوكب الأرض Investing in Planet

نحن بحاجة إلى التأكد من أن قطاع السياحة يفي بمسؤولياته كحل للطوارئ المناخية، كواحد من أكثر المخاطر والتحديات إلحاحا في السنوات العشر القادمة.

هناك حاجة ماسة إلى التحول الأخضر لقطاع السياحة، ليس فقط لكوكب الأرض، ولكن أيضا للسياحة نفسها ولتعزيز القدرة التنافسية وزيادة المرونة، ويجب أن تلعب الاستثمارات الخضراء والابتكار في قطاع السياحة دورا رائدا لدعم هذا التحول و تنفيذ الأهداف الخضراء لخطة 2030 وأهداف التنمية المستدامة.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه السياحة الكثير من فرص الاستثمار المتعلقة بالحلول والتقنيات الجديدة لإزالة الكربون من القطاع وكذلك لضمان البنية التحتية المقاومة للمناخ من خلال حلول التكيف وخفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030 والوصول إلى صافي الصفر في أقرب وقت ممكن قبل عام 2050.

-3الاستثمار في الازدهار Investing in Prosperity

من خلال تشجيع الابتكار وريادة الأعمال ودعم الشباب والنساء بشكل خاص، والتي تعتبر ضرورية لتنمية مهارات القوى العاملة في قطاع السياحة.

إن أهمية السياحة في الوقت الراهن أصبحت أكثر وضوحا من أي وقت مضى، وحان الوقت الآن لاغتنام هذه الفرصة لإعادة التفكير في كيفية قيامنا بالسياحة كما ينبغي.

السلام والتفاهم المتبادل عنصران أساسيان للتعافي. حان الوقت الآن للعمل معًا ، وللدبلوماسية بدلاً من الصراع في جميع أنحاء العالم. يجب ألا نسمح بأن تتحول التوترات السياسية إلى أزمة من صنع الإنسان تقوض تقدمنا الجماعي.

السياحة هي الجسر الرئيسي لبناء التفاهم ولديها قدرة فريدة على تعزيز السلام بين الشعوب في كل مكان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى