مصر 2030

مصر تضع قدماً نحو توطين صناعات السيارات الكهربائية

تسعى مصر أن تكون مركزاً إقليمياً لصناعة السيارات الكهربائية وفقاً للتوجيهات الرئاسية وذلك من خلال توطينها بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية وتقليل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري حيث تسعى لتصنيع إنتاجها في 2023.

ويتناغم التوجه المصري مع التوجه العالمي الذي يتسارع للتوسع في صناعة السيارات الكهربائية الجديدة من خلال مضاعفة الشركات المنتجة خلال السنوات الثلاث المقبلة.

وكشف تقرير حديث لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أن مبيعات السيارات الكهربائية سجلت 3 ملايين سيارة كهربائية جديدة في عام 2020، بزيادة قدرها 41% عن العام السابق وذلك بدعم الحوافز الحكومية لدعم التعافي البيئي، وتشريعات الانبعاثات الأكثر صرامة، وإطلاق نماذج جديدة.

ورجح التقرير أن ترتفع مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة بنسبة 51% عام 2022، وهو ما يمثل حوالي 9% من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة، وبناء على هذه المعدلات الهائلة للنمو، بحلول عام 2025، ستصل مبيعات المركبات الكهربائية إلى 8.7 ملايين سيارة، أي حوالي 19% من إجمالي السوق.

وأظهر تقرير مجموعة التأمين الإجباري بمصر، أن إجمالي ما تم ترخيصه داخل السوق المحلي للسيارات المصري، للسيارات الكهربائية قد بلغ 205 سيارة تصدرها شركة فولكس فاجن الألمانية، في عدد بيع السيارات الكهربائية وترخيصها في مصر بإجمالي عدد 82 مركبة كهربائية تلتها سيارة تسلا بعدد بيع 30 سيارة تلتها سيارة BMW بعدد بيع 16 سيارة.

ووجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، العام الماضي الحكومة بإعداد استراتيجية متكاملة لتوطين صناعة السيارات والصناعات المغذية لها في مصر، والعمل على نقل التكنولوجيا المتطورة لأكبر نسبة ممكنة من المكونات المحلية، بما يدعم هذه الصناعة، ويسهم في جذب المزيد من الاستثمارات بهذا القطاع المهم والحيوي.

تحول أخضر

وبما يتماشى مع التوجه العالمي المتنامي في هذا القطاع، وفي إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتحول الأخضر، وجه الرئيس المصري بتعزيز التعاون مع شركات القطاع الخاص لتوطين صناعة السيارات الكهربائية في مصر، بداية بمراحل التجميع وصولاً إلى التصنيع المتكامل وذلك في اجتماع عقد في فبراير الماضي بحضور وزراء ومسؤولي شركات بذات المجال.

وسبق أن قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، إنه اعتباراً من 2023 سيتم إنتاج أول سيارة كهربائية مصرية، مضيفاً: «تكلفة هذا النوع من السيارات غالية، وتحتاج بنية أساسية ضخمة».

ولتطبيق التوجيهات الرئاسية، في مارس الماضي عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، اجتماعاً مع هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام؛ لمتابعة الموقف التنفيذي لمشروع محطات الشحن للسيارات الكهربائية وذلك بالتنسيق مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة.

وأوضح الدكتور مصطفى مدبولي أن الحكومة تولي أهمية كبيرة لملف تعميق التصنيع المحلي للسيارات، وقطعنا شوطاً مهماً في هذا الإطار، من خلال إقرار مجلس الوزراء مؤخراً للاستراتيجية الوطنية لتنمية صناعة السيارات.

وتضمنت حزمة حوافز استثنائية لتوطين صناعة السيارات الكهربائية، تُمنح لمصنعي هذا النوع من السيارات، إضافة إلى مزايا أخرى سيتمتع بها مالكو تلك المركبات، من ضمنها حافز نقدي بحد أقصى 50 ألف جنيه للمستهلك لكل المركبات الكهربائية المصنعة محلياً.

وفى هذا السياق، أشار الوزير هشام توفيق إلى أنه تم التنسيق مع الشركة الوطنية للطرق التابعة لجهاز الخدمة الوطنية، التي قامت بموافاة الوزارة بخرائط لعدد كبير من المواقع المقترحة لإنشاء محطات الشحن في عدة محافظات، بإجمالي 3000 نقطة شحن في هذه المرحلة.

وأقرت الحكومة المصرية، منتصف شهر يوليو من العام الماضي، التعريفة المقترحة لبيع الكهرباء لمحطات شحن السيارات الكهربائية، وكذا تعريفة البيع لشحن السيارات الكهربائية، وذلك ضمن إطار ملامح استراتيجية توطين صناعة السيارات الكهربائية والسيارات الهجين في مصر مع التأكيد على تقرير حافز أخضر لمن يمتلك سيارات كهربائية، لدعم وتشجيع التوجه نحو استخدام السيارات صديقة البيئة ومنها السيارات الكهربائية وتوطين صناعتها.

169 قرشاً

وحول تسعير الشحن، أعلنت وزارة الكهرباء في وقت سابق أن شحن السيارات الكهربائية حتى 22 كيلو واط ساعة تيار متردد سيكون بتكلفة 169 قرشاً لكل كيلو واط ساعة، بالنسبة للأماكن التي تعفى فيها شركات الشحن من دفع مقابل استخدام المكان، وتبلغ تكلفة الشحن لنفس الكمية بالأماكن التي تلتزم فيها شركات الشحن بدفع مقابل استخدام المكان 186 قرشاً لكل كيلو واط ساعة.

أما تكلفة شحن السيارة الكهربائية حتى 50 كيلو واط ساعة تيار مستمر تبلغ 375 قرشاً لكل كيلو واط ساعة، وشحن السيارات الكهربائية من المنزل سيكون بنفس تكلفة أسعار الشرائح المعلنة للقطاع المنزلي وفقا لخطة رفع الدعم حتى يوليو 2025.

وكانت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة المصرية، ذكرت في وقت سابق أن الدولة تتجه نحو الاعتماد على الطاقة النظيفة في المركبات بهدف الحفاظ على البيئة ومواكبة التطورات العالمية في هذا الصدد، مشيرةً إلى أنه يجرى حالياً تنفيذ مبادرة شاملة لإحلال السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، بالإضافة إلى تهيئة البنية التحتية اللازمة لتسيير السيارات الكهربائية في مصر، فضلاً عن جذب المزيد من الشركات العالمية لإنتاج وتوطين صناعة السيارات الكهربائية في السوق المصري.

وكشفت وزارة قطاع الأعمال في وقت سابق أنه سيتم تصنيع اتوبيسات وميني باص بالكهرباء تقل من 11 إلى 15 راكباً، حيث سيتم استيراد الشاسيه ومكوناته، وسيتم توقيع الاتفاقيات العام الجاري، بخلاف تصنيع ميني باص بالغاز بالتعاون مع شركتين صينية وكورية، ومن خلال الشركة الهندسية للسيارات، والتي سيكون لديها منتجات كثيرة العام الجاري.

حوافز تشجيعية

فى البداية، قال الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادى، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية السابق المالكة لشركة النصر للسيارت، لـ«الرؤية»، إن الشركة كانت أول من عقد اتفاقيتين لإنتاج سيارة كهربائية داخل مصنع «النصر»، وذلك بالتعاون مع دونج فينج ثاني أكبر شركة منتجة للسيارات الكهربائية بالصين.

وأكد أن سوق استهلاك السيارة الكهربائية ما زالت محدودة؛ إذ تحتاج مزيداً من الحوافز التشجيعية خلال الفترة المقبلة التي من أبرزها تقديم دعم للمستهلك بقيمة 3000 دولار تقريباً لخفض تكلفة تلك السيارات على المستهلك، ما يجعل صناعة التجميع أمراً قليل الجاذبية للاستثمار.

وأشار إلى أن هناك عدداً من العقبات التي تعترض تلك الصناعة في مصر، أبرزها محدودية مبيعات السيارات الكهربائية الإجمالية، وانخفاض القدرة التنافسية للتصدير، فضلاً عن غياب محطات الشحن العامة وصعوبة الشحن المنزلي، نظراً لطبيعة الأماكن المتاحة لصف السيارات الخاصة.

ولفت إلى أنه كان من المتوقع تأسيس 3000 محطة شحن من قبل وزارة الكهرباء ولم يتم تنفيذها بعد وتم إعطاء الأمر لشركات خاص ولكنها ما زالت في طور التأسيس حتي الآن، مشيراً إلى أن آمن تجربة للسيارات الكهربائية حالياً هي استخدامها بشبكة النقل العام لوجود نقاط معينة للشحن وهذه أبرز النقاط المهمة.

وأكد أن تلك الصناعة من الصناعات المتأثرة حالياً بتوقف سلاسل الإمدادات والناتجة عن ارتفاع أسعار مادة الليثيوم (المكون الرئيسي لبطاريات السيارات الكهربائية وتنتج الصين منها أكثر من 65% من الإنتاج العالمي).

278 مليوناً

وبدوره، أكد شريف الصياد رئيس المجالس التصديرية للصناعات الهندسية، في تصريحات صحفية قدرة المصانع المصرية على إنتاج السيارات الكهربائية بنسبة مكون محلي مرتفعة، وذلك لسهولة تصنيعها، مشيراً إلى أنه يرى ضرورة التوسع في إنتاج مكونات السيارات الكهربائية مثل البطاريات والموتور الكهربائي، خاصة أن الموتور الكهربائي أسهل في التصنيع من نظيره الذي يعمل بالوقود، ما يتيح للمصانع المحلية فرصة للتصنيع والتصدير للخارج.

وحققت مصر قفزة بصادرات السلع الهندسية لتصل إلى 278 مليون دولار خلال شهر يناير من العام الجاري بنسبة نمو 24%، وعلى المستوى السنوي، ارتفعت تلك الصادرات بنسبة 46.5% لتصل إلى 3.4 مليار دولار ومن ضمن أهم الأسواق المستقبلة للسلع الهندسية المصرية سلوفاكيا وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا والإمارات والسعودية والعراق والصين والجزائر وليبيا وكوت ديفوار وتنزانيا.

وفي هذا الإطار، شهد وزير قطاع الأعمال العام، هشام توفيق، في مطلع أبريل الجاري توقيع عقد تقديم استشارات بين شركتي النصر للسيارات التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، و«إف إي في» الألمانية المتخصصة في مجال الاستشارات الخاصة بالتطوير في قطاع السيارات.

يتضمّن نطاق التعاون مع الشركة الألمانية متابعة إدارة مشروع إنتاج السيارة الكهربائية مع شركة النصر للسيارات وتطوير الطراز الكهربائي الذي من المقرر بدء إنتاجه خلال عام 2023.

وأتت الاتفاقية الجديدة بعد أن واجهت المساعي المصرية لصناعة السيارات الكهربائية محلياً عدداً من التحديات خلال العام الماضي بعد فشل التوصل إلى اتفاق نهائي مع الشركة الصينية.

وأطلقت وزارة قطاع الأعمال في يونيو 2021 السيارة الكهربائية «نصر E70» تجريبياً بعد الاتفاق المبدئي مع شركة صينية، واستوردت 13 سيارة من النوع المقرر إنتاجه، بهدف تجريبها في الشوارع المصرية، ولكن مصر لم تصل إلى اتفاق نهائي مع شركة «دونج فينج» الصينية بسبب خلاف على سعر المكون المستورد بصورة كافية للسيارة الكهربائية المحلية بما يمكن «النصر للسيارات» من إنتاج السيارة وطرحها بسعر تنافسي.

ويستهدف المشروع توطين صناعة السيارات الكهربائية في مصر والوصول إلى أكبر قدر ممكن من نسبة المكون المحلي، حيث تستهل شركة النصر لصناعة السيارات إنتاجها للسيارة الكهربائية بنسبة توطين تبلغ 50%.

3 آلاف محطة

ويجري التعاون مع إحدى الشركات المصرية في مجال البحوث والتطوير لتوطين تكنولوجيا السيارات الكهربائية في مصر، كما يجري العمل على تأسيس شركة تتولى إنشاء وإدارة محطات الشحن للسيارات الكهربائية، ومن المقرر إنشاء 3 آلاف محطة مزدوجة (6 آلاف نقطة شحن) للسيارات الكهربائية خلال 18 شهراً.

وفي ذات الشهر من العام الماضي، كانت الشركة القابضة للصناعات المعدنية، وقعت مذكرة تفاهم مع شركة بروتون الماليزية، لإعداد دراسة جدوى متعمقة بهدف تجميع السيارات محلياً في شركتي النصر للسيارات والهندسية لصناعة السيارات، التابعتين للشركة القابضة وذلك بهدف بحث إمكانية تجميع وتوزيع 20 ألف سيارة سنوياً خلال 3 سنوات مقبلة.

وأعلنت وزارة السياحة والآثار مطلع العالم الحالي بدء تشغيل ما يقرب من 20 سيارة كهربائية في منطقتي وادي الملوك والدير البحري بالبر الغربي بالأقصر لنقل الزائرين داخل المنطقة الأثرية.

وقالت الوزارة في بيان لها إن الخطوة تأتى في إطار مشروعها لتطوير خدمات الزائرين في 30 موقعاً أثرياً على مستوى الجمهورية كمرحلة أولى، للعمل على تحسين وإثراء تجربة الزائرين خلال جولتهم بالمناطق الأثرية وتشجيعهم على الزيارة عدة مرات.

يشار إلى أن وكالة الطاقة الدولية« IEA » توقعت في تقرير سابق تزايد الطلب على المركبات الكهربائية بشكل كبير خلال السنوات المقبلة، ما يزيد من كثافتها على الطرق لتصل إلى 145 مليون مركبة بنهاية 2030، ما يكلل جهود الحكومات بالنجاح، خاصة في ظل مساعيها الرامية للحد من التلوث عبر إلزام منتجي السيارات للتحول من المركبات التقليدية العاملة بالوقود التقليدي إلى الطاقة النظيفة.

وأشارت الوكالة إلى أن أعداد السيارات الصديقة للبيئة التي تسير على الطرق في جميع أنحاء العالم بلغ بنهاية 2020 ما يقرب من 10 ملايين مركبة.

وكشفت الوكالة عن حجم المحفزات الحكومية لتشجيع إنتاج المركبات الكهربائية عالمياً، والذي بلغ في نهاية العام الأول من وباء كورونا ما يقرب من 14 مليار دولار.

80%

وتوقع موقع «statista» تزايد الحصة السوقية للسيارات الكهربائية إلى %80 من إجمالي مبيعات المركبات الجديدة في العالم بحلول عام 2050، كما تكهن بأن تمثل المركبات التي تعمل بالبطاريات %70 من إجمالي المرخص والذي يسير على الطرق.

وذكر التقرير أن التحليلات تشير إلى استحواذ السيارات الكهربائية بحلول عام 2030 على حصة تمثل %25 من إجمالي مبيعات المركبات الجديدة في العالم، أي أن من بين كل 4 مركبات جديدة مبيعة ستكون هناك واحدة تعمل بالبطاريات.

وكان المستهلكون حول العالم قد أنفقوا 120 مليار دولار أمريكي على شراء السيارات الكهربائية في عام 2020، بزيادة قدرها 50% عن عام 2019، والتي تنقسم إلى زيادة بنسبة 41% في المبيعات، 6% زيادة في متوسط الأسعار، ففي عام 2020، كان متوسط السعر العالمي للسيارة الكهربائية حوالي 40 ألف دولار أمريكي، و50 ألف دولار أمريكي للسيارة الكهربائية الهجينة.

وأنفقت الحكومات في جميع أنحاء العالم 14 مليار دولار أمريكي على حوافز الشراء المباشر والخصومات الضريبية للسيارات الكهربائية في عام 2020، بزيادة قدرها 25% على أساس سنوي، ومع ذلك، فقد انخفضت حصة الحوافز الحكومية في إجمالي الإنفاق على المركبات الكهربائية من 20% في عام 2015 إلى 10% في عام 2020.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى